النفوذ الصهيوني في فرنسا –الجزء الثاني

النفوذ الصهيوني في فرنسا –الجزء الثاني

  • النفوذ الصهيوني في فرنسا –الجزء الثاني

اخرى قبل 3 سنة

النفوذ الصهيوني في فرنسا –الجزء الثاني

د.سالم  سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

 آثار النفوذ الصهيوني    :

تعتبر فرنسا البالغ عدد سكانها أكثر من 67 مليون نسمة، إحدي الدول الأساسية في الاتحاد الأوروبي. ويشكل اليهودفيها أقل من مليون من عدد سكانها، بينما يصل عدد  العرب إلى اربعة ملايين شخص.   وعلى الرغم من قلة عدد اليهود في فرنسا،الا انهم تمكنوا من النفوذ في الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والإعلامية لهذا البلد.ورغم التداخل بين هذه القطاعات وتاثيرها المتبادل لتحقيق مآرب الصهيوني سنحاول الحديث عن النفوذ الاقتصادي والسياسي ادناه ثم نتحدث عن النفوذ الاعلامي في المقال القادم.1

 .أ-النفوذ الاقتصادي  :

تمثل عائلة روتشيلد في فرنسا سلطة قوية تتحكم في أسواق لندن وباريس وروما وبروكسل وجوهانسبورغ وتل أبيب. وحسب قول الباحث الفرنسي سيشار، تكاد عائلة روتشيلد تمثل(حكومة يهودية عالمية ) تستطيع التحكم في مصير أهم الشركات الصناعية والتجارية في ثلاث قارات، أوروبا وأميركا وآسيا. وبموجب المراجع المذكورة أعلاه، يقع في حوزة عائلة روتشيلد رصيد   يقدر ب18 مليار دولار ويحتل الفرع الإنكليزي لعائلة روتشيلد بنك ( روتشيلد إندسانس ) مواقع قيادية في بورصة العملات في لندن. وفي بلجيكا يمارس بنك سوسيتيه جنرال   المرتبط بعائلة روتشيلد عملياته بنشاط وتقدر الأموال التي يملكها في هذا البلد ب ٣, ٤ مليار دولار.

وبالإضافة إلى ذلك، يترأس مارسيل داسو، أحد الممثلين المعروفين للطغمة المالية الصناعية، والذي يمثل حسب قول الاقتصاديين في فرنسا( دولة داخل دولة).إذ ان شركة( داسو)  العسكرية الصناعية  هي التي تنتج طائرات ميراج. وداسو هذا معروف بتحمسه الشديد للصهيونية  وهو أحد رموز مراكز القوى في فرنسا، التي تضغط على الحكومة باتجاه دعم مواقف ( إسرائيل ) شرق أوسطيا ودوليا.

وهناك صناعي فرنسي آخر معروف بميوله الصهيونية وهو مسيو ) شبيلوف ( ، الذي يشرف على شركة) توريامك)والذي قام ببناء مصنع لإنتاج المحركات النفاثة قرب تل أبيب بالاشتراك مع الشركة الإسرائيلية)   إيرکرافت اند وستريز   .(.

لقد لعبت فرنسا دورا كبيرا في تأسيس وإنشاء القاعدة التكنولوجية للكيان الصهيوني، ويرجع هذا التعاون العسكري الفرنسي - الإسرائيلي إلى العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦ واستمراره حتى العام ١٩٦٧ عندما أعلنت فرنسا بقيادة الجنرال ديغول حظر تصدير وشحن الأسلحة للكيان الصهيوني. وعلى مدى أحد عشر عاما من التعاون العسكري، استطاع الكيان الصهيوني تحقيق تقنيات عالية في مجال التصنيع الحربي، ومن أبرز منجزات التعاون الفرنسي - الصهيوني ما يأتي:

١ - ساهمت فرنسا في إنشاء صناعة جوية صهيونية وأعطتها ترخيصا لإنتاج طائرة الفوجا ميجيستير ومستير وقطع غيار الطائرات.    

٢- لعبت شركة داسو الفرنسية دورا هاما في تعزيز الصناعة الجوية الصهيونية عن طريق إنتاج طائرات  ميراج  داخل الكيان الصهيوني.

٣- أنشأت فرنسا صناعة الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ بعيدة المدى والزوارق حاملة الصواريخ. وقد تم تطوير الصواريخ المعروفة بأرض - أرض من خلال تعاون الكيان الصهيوني وشركة مارسيل داسو بموافقة الحكومة الفرنسية. ومن أهم هذه الصواريخ طراز (١٩٠ م. د. ١٢٠ م. د) الذي يبلغ مدى كل واحد منه حوالي ٤٥٠كم)

٤ - أما في الحقل النووي، فقد بدأ التعاون الفرنسي الصهيوني في الخمسينيات، وقد تجلى في بناء مفاعل نووي في  ديمونا  ، ويعترف الكيان الصهيوني بأنه لولا المساعدة الفرنسية في المجال العسكري والنووي لما استطاع الصمود في حربي ١٩٥٦ و ١٩٦٧ وقد تقلبت المواقف الفرنسية إزاء الكيان الصهيوني نتيجة لتطور الأحداث.2

ب -النفوذ السياسي :

 لا نبالغ في القول اذا قلنا ان تدخل اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية الفرنسية قد ادى عبر تاريخ فرنسا الى الاطاحة بكل رئيس ابدى تعاطفه مع القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين . لقد اتهمت إسرائيل   ديغول بمعاداة الساميّة لأنه صرّح في مؤتمر صحفيّ بعد حرب 1967 أنّ إسرائيل "دولة توسعيّة تسعى إلى مضاعفة عدد سكانها عن طريق هجرة اليهود إليها"، وطالب ب"جلاء القوات الإسرائيليّة عن الأراضي العربية المحتلة "، وقد أصر على رأيه هذا في مراسلاته مع بن غوريون، انطلاقا من رؤيته للعلاقات الدولية ومكانة فرنسا واستقلالية قرارها وبناء علاقات على أسس عقلانية تراعي مصالح فرنسا قبل أي شيء آخر ولكن تصريحات الرئيس الفرنسي، الجنرال ديغول لم تتعدى طور التصريحات، إذ ساند الإعلام (الحكومي آنذاك) الإعتداء الصهيوني، وجمعت المنظمات الصهيونية 6,5 مليون دولارا لمساعدة الكيان الصهيوني، خلال شهر حزيران 1967، و"هربت" المخابرات الصهيونية البوارج العسكرية من ميناء "شربورغ" الفرنسي  3

تقول حياة عطية عن فاليري جيسكار ديستان :

(استقبل ديستان وفداً من الطلاب العرب كان معظمهم لبنانيين وسوريين وعراقيين، وأجرى معهم حواراً طويلاً حلّل فيه ظروف العالم العربي، وقال لهم: "أنتم بلاد واحدة وقسّمت. لا تناقشوني في مسؤولية من قسّمها. لا تذكّروني بجورج بيكو. عليكم أنتم توحيدها إذا أردتم مكاناً لكم على خريطة العالم وأردتم وزناً لقضاياكم)ثم تواصل حديثها: أعرف أن الرئيس الذي بدأ حملته الرئاسية الجديدةعام81  قد جاء إلى العالم العربي يطلب دعم دوله أمام ما يتعرض له من حملة من اللوبي اليهودي الصهيوني في فرنسا، الذي يتهمه بأنه منحاز إلى العرب على حساب "إسرائيل"، ويأخذ عليه دعمه للعراق، وخصوصاً المشروع النووي. كنت أعرف أن من يقود هذه الحملة منظمة أعلنت عن نفسها باسم "التجديد اليهودي"  التي اسسها هنري هاجدنبرغ  ( بناءً على نصيحة أفي بريمور، الذي كان مندوب المنظمة الصهيونية في فرنسا، والملحق الثقافي في السفارة الإسرائيلية، والمكلف من قبل تل أبيب لتشكيل لوبي من الطائفة اليهودية الفرنسية. وقد أصبح في ما بعد سفيراً لـ"إسرائيل" لدى المجموعة الأوروبية)... . وقد استهل حملته مع بداية الحملة الرئاسية لديستان في العام 1981، بنشر إعلانات يمثل أحدها قنبلة ذرية تتفجَّر، وتحتها عبارة: "العراق، القنبلة، جيسكار هو المسؤول"،ثم تبجحت هذه المنظمة انها اسقطت ديستان.4

 ويفصل الدكتور شاكر نوري كل حفبة الحزب الاشتراكي الفرنسي في الحكم ويشير الى عمق التغلغل الصهيوني في نخاع ميتران وساركوزي الذي تفوق عليه وانحاز الى اللوبي الصهيوني في امريكا واعلن عن ترشحه لرئاسة فرنسا من على منصة الايباك(بناء على ذلك يفهم دوره في تدمير ليبيا بالتنسيق مع برنار ليفي عندما تحدثت عن هذا الاخير في مقالة سابقة ).

ان النفود الصهيوني قد جعل  112 نائب برلماني من اليمين واليسار الفرنسي إلى تنظيم مهرجان مساندة للكيان الصهيوني، وضد محاولة "السلطة الفلسطينية" تقديم ملف عضوية في الأمم المتحدة، وأنشدوا واقفين النشيد الرسمي لدولة الإحتلال...  ".كما نظم اللوبي الصهيوني مظاهرات ضخمة لدعم جيش الإحتلال أثناء هدم مخيم جنين واغتيال المناضلين الفلسطينيين وحصار المرحوم ياسرعرفات في رام الله .وتظاهر حوالي 80 ألف شخص       لمساندة الجيش الصهيوني، ولم تجمع المظاهرة المنددة بهذا العدوان سوى 5 آلاف متظاهر... أما "جمعية مساندة الجندي الإسرائيلي" فتنظم سنويا حفلات مساندة لجيش الإحتلال في كافة المدن الفرنسيةالكبرى، وتجمع التبرعات التي يمكن لأصحابها خصمها من الضرائب المنوطة بهم. وقام عدد من المثقفين والصحفيين ونواب البرلمان وممثلي الأحزاب الفرنسية بترويج عريضة تندد بالدعوة لمقاطعة الكيان الصهيوني، ونشرت صحيفة "لوموند" افتتاحية تستنكر من خلالها نداءات المقاطعة، مما شجع الحركة الصهيونية على المضي قدما في سياسة التهديد والوعيد..كما  تعرضت مساجد ومقابر المسلمين ومنازل العرب باستمرار إلى عمليات تخريب وإلقاء النفايات ورؤوس الخنازير على عتباتها، وكتابة الشعارات والرسوم العنصرية على جدرانها وأبوابها، واعترض عدد لا بأس به من رؤساء البلديات على تملك العرب لمنازل في مدنهم ( منهم رؤساء بلديات ينتمون إلى الحزبين الشيوعي والإشتراكي)، وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة 69 بالمائة من ضحايا الإعتداءات العنصرية هم من العرب وأبنائهم، وذلك منذ أكثر من 40 سنة... ويتعرض العرب في فرنسا إلى هجوم عنصري في وسائل الإعلام (محطات راديو وتلفزيون وصحف) من قبل صحافيين وكتاب و"فلاسفة" ومسؤولين سياسيين، ويدرج ذلك في خانة "حرية التعبير". واقترفت عصابات صهيونية منظمة في شكل ميليشيات اعتداءات عنيفة (أدت إلى القتل) ضد متظاهرين أو طلبة مساندين للقضية الفلسطينية، وأحيانا ضد مواطنين يشتبه في أنهم عرب، ويبدو أن مقترفيها يتمتعون بحصانة أمنية وقضائية، إذ لم يقع إزعاج أي من هؤلاء المجرمين، بينما يحاكم سنويا عدد من الداعين لمقاطعة البضائع "الإسرائيلية"، القادمة من بعض مستعمرات الضفة الغربية فقط أو ما يسمونها مستوطنات غير شرعية5. 

الهوامش:

 1-  https://www.palinfo.com/news/2012/2/28 

 اليهود والانتخابات الفرنسيه-مامون كيوان

            2-رسالة ماجستير عن العلاقات الفرنسيه الاسرائيليه واثرها على القضيه              

               الفلسطينيه-فدوى عبد الواحد نصار جامعة الازهر-غزة ورابط التحميل:                                              

  www.alazhar.edu.ps › library                                

             3-اللوبي الصهيوني في فرنسا- شاكر نوري-شركة المطبوعات للتوزيع   

                   والنشر2013ص121-127 https://www.noor-book.com                                                        4- https://www.almayadeen.net حياة الحويك عطية

    5- مصطفى محمود  https://alwafd.news/essay/1268

            6-الطاهر المعز  -الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 23:43

التعليقات على خبر: النفوذ الصهيوني في فرنسا –الجزء الثاني

حمل التطبيق الأن